خاطرة بعنوان محكمة

خاطرة بعنوان محكمة

خاطرة بعنوان محكمة

محكمة..
سيّدي القاضي
قد عرفت قضيتي التي لم يحلها حكيم ولم يفسّرها محللٌ، ها أنا أقف أمامك ولديّ جميع الأدلةُ التي
تُثبت لك إني فتاةٌ بريئة مما الذي حدث معي..
القاضي؛ يا فتاة ما الذي أشعرك بإنك تحتاجين إلى قاضٍ ينصفك؟ أليس لديك عقل لتفكري به، ولا قلب؟ أأنتِ جرداء؟ لا يا حضرة القاضي، لدي عقلٍ يُطفئ نار حرب بقوّة تفكيره، ولستُ جرداء القلب بل قلبي أكثر الأماكن الضيّقة أتساعاً، لكن عقلي لم يستطع فهم ما حدث معي
لا أدري لماذا!
وجّه لي سؤال مُفاجأ وأنا أتحدّث، ما الخطأ في رأيك؟
قلت له إبقاء أحدهم في قلبي وأنا لم أُعتبر جزء من ذاك القلب، إعطاء أهمّية لمن لا يستحقها، حبي للخطأ وتكراره، المسامحة الكثيرة، السماح لجميع الأشخاص، الأحداث، المواقف، والأماكن، الظروف، لتأكل من قلبي كل يوم بشراهة، لقد تآكلت كقطعة حديد صدئة لم تعد تملك الفائدة التي كانت تعطيها في السابق، الجميع يحاول إطفاء الأمل بطريقي، والبعض يريد إفساد قلبي، وآخر يريدني أكون شيء فارغٌ ليس له أهمّية،
القاضي في حالة سكون، مسرّح بصره على حركة يديّ وأنا أشرح له حجم الضياع الذي أنا فيه..
ابتدأ القاضي بأخطائي وأعتبرُها قضايا يجب أن أُحاسب عليها..
" إبقاء أحدهم بقلبك وإنتِ لستِ جزء من هذا القلب" كيف ترتكبين هذا الخطأ بحق نفسك؟
كنت أظن يا سيدي إني أمتلك القدرة لأكون بهذا القلب مثل ما أنا شريانٌ موجود في قلوب كثيرة، وكنت فعلاً موجودة بهذا القلب، قاطعني القاضي قائلاً؛ إذا كنتِ موجودة لما لستِ راضية؟ يا سيدي يجب أن أكون دم ودقة هذا القلب لوحدي للقلب، القاضي: لحظة! لمَ انتِ هكذا طمّاعة؟ أجبته متسائلة أتقبلها يا حضرة القاضي أن يكون هذا القلب السبب الذي ينبض قلبي لأجله، وأن أكون أنا جزء صغير فقط! أجبني وأنا تالله أعرف ما الذي سيقوله؛ قال وهو مغمضٌ عينيه إن قبلت فسوف أُتَّهم معك في هذه القضية.
يا سيدي أنا لا ابحث عن إقامة القلب، بل أريد الإستوطان. إنني متعبةٌ يا مولانا
القاضي بعيداً عن الذي قلته؛ أشعر إنك حاقدة على هذا العالم، قلت له بسخرية وصوتي يرتجف لأنه يفتق جروحي، لا لا إنه لم يفعل شيء فقط عالقٌ بحلقي! رد القاضي بصرخة "أبصقيه"!
أبصقه؟ أتعلم يا سيدي لا أمتلك الشجاعة الكاملة لبصقه، وأيضاً لا أمتلك القدرة على بلعه. أعطيت كثيراً لهذا العالم الجميع يأخذ، الجميع لم يقدموا لي سوى الخوف، الخوف والتفكير، والضياع، "إني يا حضرة القاضي مصابةٌ ﺑﺤﻤﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ، ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ، ﻭﻣﺎ ﺳﻴﺤﺪﺙ، ﻭﻣﺎ
ﻗﺪ ﻳﺤﺪﺙ، ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻦ ﺗﺤﺪﺙ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺳﻴﺤﺪﺙ ﻟﻮ
ﺣﺪﺛﺖ فعلا، نصيبي من هذه الدنيا "الخوف"
الخوف يا سيدي من سيبقى ومن سيذهب، من سيخذل، وخوفي من فقدان ما تبقّى لي من ما أحب ومِن ومَن أحب، الخوف من جنون أحدهم المُتعب الذي يأمره بضرورة الرحيل عني.
وقعتُ على الأرض باكيةً أمام القاضي وأردد بيت شعر.. هل سأصبح مما أحدث الدهر موجّعاً فيه وأكون لريب الدهر أتخشّع؟ هل سأصبح مما أحدث الدهر موجّعاً فيه وأكون لريب الدهر أتخشّع؟.
كررته ورجعت لحالة الإغماء..
وقف القاضي قائلاً:
محكمة؛ حكمت المحكمة على هذا الفتاة الضائعة بين الحب واللاحب، بين القسوة وبين اللين، فتاة لا تقبل بالحل الواضح لا تقبل بالوسطية، فتاة ضعيفة من الداخل ضعيفة لكنها الأقوى، وأنا أنهكني التحليل وأتعبني التفكير بالقضية، أجلت الدعوة إلى أشعار آخر، رُفعت الجلسة.

شارك الموضوع عبر :

كاتب الموضوع :Unknown