![]() |
العنف ضد الأطفال ..ظاهرة مؤلمة يجب الحد منها |
العنف ضد الأطفال ..ظاهرة مؤلمة يجب الحد منها
بين تلك الطرقات في هذا العالم كنتُ أسير ..كنتُ أحثُّ الخطى ...لا أدري أين أذهب وأين سأكون!؟! وكأني أحمل هموم العالم فوق رأسي ..مثقلاً بكل شيء يتعبني ..يداي صغيرتان غير قادرٙتان على حمل كل هذا الصخر ... أتساءل عن الجريمة التي قمتُ بها لأرى كل هذا الظلام ..أنا ضحية العنف ...ضحية ذنب لم أقترفه.. أنا في النهاية لم أعد حياً..العنف ضد الأطفال...ظاهرة مؤلمة ...إلى متى ستستمر!!
تعتبر مرحلة الطفولة من أهم المراحل التي يمر بها الانسان خلال دورة حياته حيثُ يتم فيها زرع كل الصفات فيه وصقل الشخصية والتكوين النفسي للطفل ...إذ أنّ الأطفال هم الشريحة الأضعف في أي مجتمع وذلك بسبب عدم اكتمال نموهم الجسماني والنفسي. فالأطفال بحاجة الى الرعاية والاهتمام لإيصالهم إلى بٙر الأمان وحتى يصبحون قادرين على الإعتماد على أنفسهم . كما أن شخصية الانسان تتشكل في البداية من طريقة التعامل معه وهو طفل ونشأته منذ صغره فما يزرعه الآباء يحصده الأبناء .. لذلك اعتنى الإسلام بالطفولة بشكل كبير لأن اعتماد الأمة يكون مستقبلاً على الأطفال . كل عنف يتم ايقاعه بأي شخص لم يُكمل الثامنة عشر من عمره يدعى بالعنف ضد الاطفال فهذه الفئة التي تتبلور فيها شخصية الطفل من ما يراه حوله ،حيث يكون الطفل في مرحلة التعرف عما حوله من أشياء وأشخاص ويكون في مرحلة تساؤل دائم وتعجب ؛ من وكيف وماذا ولماذا !! يريد أن يفك شيفرة ما حوله من أشياء ..ولذلك هذه مرحلة خصبة لتنمية الطفل وتكوين شخصيته والتعرف على مواهبه وعلى جوانب شخصيته المختلفة حتى نعمل على تعزيز نقاط القوة لدى الطفل ومعالجة الجوانب السلبية فيها .
ومن أشكال العنف التي يتم ممارستها ضد الأطفال :-
العنف الأسري:
وهوٙ من أكثر أشكال العنف انتشاراً ، وهو ما يسبب الضرر الجسدي والنفسي للطفل مثل الضرب والشتم واي شكل من أشكال الإيذاء الجسدي أو النفسي ويندرج تحت صور العنف الأسري أيضاً إجبار الأبناء على أشياء لا يرغبون بها مثل : تحديد الأصدقاء ،وتحديد نوع الدراسة مستقبلاً والتحكم المفرط في مصير ومستقبل الطفل .
العنف المدرسيّ:
ويأتي أيضاً من ناحية قوة التأثير السلبي وهو العنف المدرسي ما لا يقل خطراً وأثراً عن العنف الأسري، نظراً لطول مدة الساعات التي يقضيها الطفل في المدرسة وحيث أنها مكان التنشأة وكما نعرف ان المدرسة تعتبر البيت الثاني لنا ولذلك المفترض أن تكون المدرسة مكاناً لتعلم القيم والمبادئ والنهوض بالمجتمعات واخراج أجيال واعية مثقفة ومتعلمة وقادرة على التأثير في المجتمع والمساهمة في بناء مستقبل أفضل ، ولكن قد يحدث أن تكون المدرسة مكاناً لكبت المواهب والقدرات والتحطيم من خلال السياسات التعليمية التي تفتقر الى الكفاءة والفاعلية وانعدام المسؤولية من قبل المدراء أو المدرسين واستخدام العنف ضد الأطفال وهذا ما يجعل الطفل يرى أن المدرسة هي مكاناً شديد السواد وسجن لا يمكن الفرار منه. وهذا ما يؤثر أيضاً على طبيعة العلاقة بين الأطفال في المدارس حيث يقوم طفل معنف بتعنيف طفل آخر وتنشأ صراعات دائمة قد تؤدي الى إلحاق الأذى الجسدي بالأطفال وتكون البيئة غير محفزة للتعليم السليم حيث يسودها العنف والظواهر السلبية التي قد يصعب تداركها فيما بعد وهنا يأتي دور المدرسة الناجحة والمربي والمعلم في الحد من أثر هذا العنف بين الأطفال.
عنف الشارع :
وهو كل أنواع العنف الذي قد يصيب الطفل بسبب الآخرين في الشارع ..وهنا يبرز دور الأسرة الواعية والحريصة على أبنائها في الحفاظ على أطفالهم من التسيب في الشوارع و مراقبة أطفالهم خارج بيئة البيت ، هناك حالات لا يمكن السيطرة عليها او تداركها ،ومنها ما قد يصيب الطفل وهو عائدٌ من المدرسة أو من أي مكان آخر ،قد يتعرض الطفل إلى التعنيف من قبل أشخاص آخرين ، ولذلك على الأسرة أن توعي أطفالها من كل أشكال المضايقات التي قد يتعرضون لها في الخارج وكيف يتعاملون مع مثل تلك المواقف والأهم من ذلك ألا يزرع الآباء الخوف في قلوب أبنائهم حتى يكونوا قادرين على حماية أنفسهم من أي شكل من أشكال العنف وعلى الآباء أن يكونوا في تواصل دائم وفعال مع أطفالهم لمعرفة ما يحدث معهم خلال يومهم وما الذي يسعدهم وما الذي يزعجهم ،في حين كانت هناك أي مشكلة يستطيع الآباء تداركها قبل أن تتفاقم وعليهم أن يبنوا ثقافة الثقة بينهم وبين أطفالهم حتى لا يصيبهم الأذى ،وهنا يتجلى قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) في حديثه " كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته " اي على الأباء أن يكونوا على قدر المسؤولية مع ابنائهم .
عمالة الأطفال :
لربما يكون من المُلفِت أن تُدرج عمالة الأطفال من ضمن أنواع العنف ضد الأطفال ، العنف لا يقتصر على الظاهر فقط، ولربما هي من أخطر أنواع العنف ضد الأطفال بالنسبة لي ،فهي عنف ضد الأطفال عندما يتم تشغيلهم في مختلف الأعمال وحرمانهم من التعليم وهو من أهم الحقوق التي من المفترض أن يتمتعوا بها ، وقد يقوم أرباب العمل باستغلال الطفل بتشغيله لساعات طويلة مقابل أجر زهيد ،ناهيكٙ عن العنف الجسدي الذي قد يتعرض له الطفل أثناء العمل والسخرية والحط من شأنه خصوصاً أنه ضعيف وغير قادر على حماية نفسه والعنف اللفظي الذي يتعرض له في سنه هذا الذي من المفترض أن يكون على مقاعد الدراسة ، يرسم ويلعب ويعيش حياته كطفل طبيعي كباقي أقرانه، هنا ينظر الطفل لنفسه نظرة يشعر بها أنه منبوذ وأنه ليس من المفترض أن يكون في هذه الحالة وهذا تدمير لأحلامه ولطفولته.
أسباب العنف وكيفية الحد منه :-
قد تتعدد أسباب استخدام العنف ومنها سوء الحالة الاجتماعية والاقتصادية وعدم الوعي بخطورة تعنيف الطفل وأثر ذلك على صحته وعلى تكوين شخصيته ،حيث أثبتت الإحصاءات أن خمسة أطفال يومياً يسجلون كحالات وفاة نتيجة للعنف الذي يتعرضون له سواء جسدي أو نفسي ، وهذا يستدعي منا وقفة ننظر فيها للأمر بنظرة أشمل وأعمق وندرك خطورة العنف ضدهم ونسعى جاهدين لإيقاف عمليات العنف ضدهم بقدر ما نستطيع وبداية نبدأ بأنفسنا ومن محيطنا الذي نعيش فيه ، العنف ضد الأطفال جريمة لا يمكن السكوت عليها بأي شكل من الأشكال ، ونحنُ معاً نستطيع أن نبني جيلاً واعياً وصحيحاٌ وقادراً على خدمة أبناء بلده ووطنه .